بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2017

‏كيف تحدث الحروف وكيف ينتقل الكلام من المتكلم الى المستمع ؟
وضح دور القلع والقرع فى حدوث الأصوات بصفة عامة والاصوات اللغوية بصفة خاصة .
-------------------------------------------
الإجابة التالية تتضمن الإجابة على السؤالين لارتباطهما معا :
القرع ارتطام جسم بآخر والقلع انتزاع جسم عن آخر ونتيجة هذا وذاك تحرك واهتزاز جزيئيات الهواء فى محيط الجسمين مما يصدر عن ذلك سماع الصوت وعليه فإن القلع والقرع سبب غير مباشر لحدوث الأصوات فهما سبب مباشر لحدوث تحرك واهتزاز لجزيئيات الهواء وهذا التحرك والاهتزاز هو السبب المباشر لحدوث الأصوات بصفة عامة
اما الأصوات اللغوية فالقلع والقرع يتمثل فى اتصال عضو نطقى بآخر أو انتزاعه وابتعاده عن عضو نطقى آخر مما يتسبب فى تحريك واهتزاز جزيئات الهواء الموجود فى تجويف الفم والحلق وبالتالي حدوث الصوت اللغوى
وهناك ما يقوم بتكبير وتعظيم الأصوات اللغوية لدى المتكلم وهو ما يتمثل فى تجاويف الفم والحلق والخيشومية والصدر والقصبة الهوائية والحنجرة
وتنتقل حركة جزيئات الهواء واهتزازها من حيّز فم المتكلم وحلقه الى حيّز الهواء الفاصل بين المتكلم والمستمع بنفس الكيفية ليحدث نفس الأثر الصوتي ولينتقل بعد ذلك الى حيّز الهواء الموجود فى صماخ الأذن إذن المستمع لتتحرك جزئياته بنفس الطريقة التى تتحرك بها جزئيات الهواء فى فم المتكلم وحلقه وكذلك فى الحيّز الفاصل بين المتكلم والمستمع
تتحرك طبلة الأذن بنفس كيفية تحرك واهتزاز جزئيات الهواء فى حيّز صماخ الأذن
تنتقل حركة طبلة الأذن الى اجزاء الأذن الوسطى ( وتشبه المطرقة والسندان ) فتحركنا بنفس الكيفية السابقة
ويلاحظ وجود تجاويف لدى المستمع تعمل على تكبير وتعظيم الأصوات الواردة
تنتقل حركة الأذن الوسطى الى الأذن الداخلية حيث تتواجد الاعصاب السمعية المفروشة فى السائل المتواجد بالأذن الداخلية ليتم استقبال المخ لها وتفسيرها




                                            







                          خصائص اللغة الانسانية
تختلف اللغات الانسانية مثل اللغة العربية واللغة الانجليزية واللغة الفرنسية ......الخ عن غيرها مما يصدر عن الكائنات الحية الاخرى اختلافا عظيما ، فاللغة الانسانية تمتاز بسمات وخصائص تجعل منها استثناء فى عالم النظم الاشارية أو نظم الاتصال التى يمكن أن تكون بين الكائنات الحية الاخرى أو حتى تلك التى يمكن أن يخترعها الانسان لانجاز بعض المهام .
ومن هذه الخصائص أن الاصوات اللغوية يتميز بعضها عن بعض ، مما يتيح للغة نظاما صوتيا تتنوع وتختلف عناصره ، فهناك الحركات وهناك الصوامت وهما طائفتان كبيرتان يندرج تحتهما العديد من العناصر الصوتية ، ففى اللغة العربية الفصحى يندرج تحت طائفة الحركات الفتحة والكسرة والضمة والالف المدية والياء المدية والواو المدية ، ويندرج تحت طائفة الصوامت سائر الحروف مثل الهمزة والباء والتاء والثاء .....الخ
وهذه الاصوات المختلفة يتميز بعضها عن بعض من خلال بعض الخصائص أبرزها وأهمها ما يعرف بالمخارج والصفات ، ونستطيع أن نقول : لولا المخارج والصفات لأشبه كلام البشر خوار البقر ، فالفارق  المميز بين لغة الانسان والاصوات التى تصدرها الحيوانات يبدأ من تنوع الاصوات فى اللغة الانسانية ما بين حركات مختلفة وصوامت مختلفة  الامر الذى يتيح للغة امكانية بناء الاف الكلمات من تلك الحركات والصوامت ثم امكانية تركيب عدد غير محدود الجمل التى تعبر عن كل شىء حولنا بل تعبر عن أى شىء يمكن ان نتصوره .
وترجع الامكانيات الهائلة للغة لاسباب عديدة لكن يبقى أهمها امكانية تصنيف الاصوات اللغوية الى حركات عديدة  مختلفة وصوامت عديدة مختلفة  .


الحركات فى مقابل الصوامت  فى النظام الصوتى
احتلت الحركات فى التراث العربى مكانة لم تحتل مثلها ظاهرة لغوية أخرى ، كما حظيت باهتمام لم تحظ بمثله ظاهرة لغوية أخرى ، ولئن كانت الفتحة والضمة والكسرة هى ما تتجه اليه الانظار عند ذكر مصطلح الحركات فان التراث العربى لم يقصر مدلول مصطلح الحركة عليهن ، كما لم يقتصر استخدامه على هذا المصطلح فهناك ما يمكن اضافته الى الفتحة ، والضمة ، والكسرة مما يمكن أن نطلق عيه مصطلح حركة ، وهو ما نجده واضحا جليا فى قول الفارابى: " والحروف منها مصوت ، ومنها غير مصوت ، والمصوتات منها قصيرة ، ومنها طويلة ، والمصوتات القصيرة هى التى تسميها العرب الحركات " .
كما نجد ذلك عند التهانوى الذى قسم حروف العربية الى قسمين : المصوتة والصامتة ، فالمصوتة حروف المد واللين أى حروف العلة الساكنة التى حركة ما قبلها مجانسة لها ، والصامتة ما سواها " .وعليه فان مصطلح الحركات يمكن ان يترادف معه مصطلح مصوتات ، وكلاهما يشير الى الفتحة والضمة والكسرة باعتبارهن حركات أو مصوتات قصيرة والى ألف  المد ، وواو المد ، وياء المد باعتبارهن حركات أو مصوتات طويلة .
وتعد الحركات بنوعيها قسما برأسه ضمن العناصر اللغوية أو الوحدات الصوتية المكونة للكلام ، ولا تعد تابعة لغيرها كما قد يتصوره من يتحرك فى اسار تقاليد الكتابة العربية ، ولقد كان تأكيد ذلك الامر هدف التحليلات النطقية عند كبار اللغويين العرب فابن جنى يسوق الشواهد والادلة على أن حركة الحرف فى المرتبة بعده ، فأنت تجد الحركة فاصلة بين المثلين أو المتقاربين اذا كان الاول منهما متحركا ، والمثلان نحو قولك : قصص ، ومضض ، وطلل ، وسرر، وحضض ، ومرر، وقدد . ولولا أن حركة الحرف الاول من هذين المثلين بعده لما فصلت بينه وبين الذى هو مثله بعده ، ولو لم تفصل لوجب الادغام لانه لا حاجز بين المثلين ، فان ظهر هذان المثلان ، ولم يدغم الاول منهما فى الاخر فظهورهما دلالة على فصل واقع بينهما ، وليس ههنا فصل البتة غير حركة الاول ، وهو ما أخذ به اللغويون من بعده ، وفى ذلك يقول ابن يعيش : " محل الحركة بعد الحرف على الصحيح من المذهب ".
وفيما يتصل بالتحليل النطقى للحركات فقد اكتنف وصفها الغموض ، وأحاطت به الصعوبات ، فهى ليست كالصوامت تلعب الصفات والمخرج دورا حاسما فى التمييز بين احادها بما لا يدع غموضا ، ولا يترك لبسا ، غير أن هناك جوانب نطقية واضحة وقاطعة  منها العلاقة بين القصير منها والطويل ، اذ الطويل منها يستغرق الزمن الذى يستغرقه القصير منها أو أضعافه ، فالفتحة تستغرق زمانا تستغرق ضعفه الالف المدية ، والضمة تستغرق زمانا تستغرق ضعفه الواو المدية ، والكسرة تستغرق زمانا تستغرق ضعفه الياء المدية  ، ولا فرق بين الكسرة والياء ، ولا الضمة والواو ، ولا الفتحة والألف الا فيما يخص البعد الزمانى المطلوب ، ومن الجوانب القاطعة أيضا خروج الهواء أو اطلاقه عند النطق بها بغير انضغاط أى دونما سد أو تضييق .
وثمة صوامت تتشابه مع حركات المد فى التراث العربى بما يجعل تنوع حروف اللغة تتدرج من حال الى حال ، فالواو والياء اللينتان تعدان حالة وسط بين الحركات والصوامت ، فهما يشبهان الحركات على الرغم من انهما ينتميان الى مجموعة الصوامت ويتميزان بوجود انضغاط للهواء يقل عما هو موجود عند النطق بالصوامت الاخرى ، وهو الصفة  التى يطلق عليها اسم اللين ، وفى الواو والياء غير المديتين وغير اللينتين يكون انضغاط الهواء أكثر ويتشابه بانضغاط الهواء فى بقية الصوامت وان كان لا يبلغ مداه فيها .
والقول بأن هناك من الحروف ما يحتل مكانا متوسطا بين الصوامت والحركات ، نجده عند جون ليونز فى قوله : " تختلف الصوامت عن الحركات فالصوامت تصدر عن طريق سد أو تضييق مؤقت لمجرى الهواء ، والاختلاف الصوتى بين الصوامت والحركات - فى الواقع- ليس مطلقا ، فهناك أصوات كلامية معينة ذات حالة وسط " .

أعضاء النطق والياتها
تبدأ أعضاء النطق بالحنجرة وهو ما يطلق عليه فى التراث العربى أقصى الحلق ثم البلعوم وهو مايطلق عليه أوسط الحلق الذى يتصل به أدنى الحلق أو اقربه الى الفم ثم اللهاة ثم الحنك اللين وهو ما يطلق عليه أيضا اسم الطبق ثم الحنك الصلب وهو ما يطلق عليه ايضا اسم الغار ثم اللثة ثم الاسنان واللسان والشفتين وفى النهاية التجويف الانفى وهو الذى يطلق عليه اسم الخيشوم .
1-  الحنجرة
يجعل اللغويون المعاصرون من الحنجرة العضو الذى يلعب الدور الاساسى فى عملية النطق أو المصدر الاساسى لها ، والحنجرة عندهم صندوق مثبت أعلى القصبة الهوائية فى الرقبة ، وهو الجزء الذى يمكن رؤيته عند الرجال ، ويعرف باسم تفاحة ادم ، وتتركب من أنسجة لينة تمسكها مجموعة من الغضاريف ترتبط بروابط تسمح لها بالحركة .
والغضاريف التى تتكون منها الحنجرة هى : الغضروف الحلقى cricoid وهو فى القاعدة منها ويشبه الحلقة ، ويشكل أيضا قمة القصبة الهوائية ، وفى المقدمة منها يوجد الغضروف الدرقى thyroid ويتركب من رقاقتين مسطحتين ترتبطان معا من احدى نهايتيهما ليشكلا زاوية على شكل V ، وتتصلان بمؤخرة الغضروف الحلقى بواسطة الصفيحة العمودية ، وفى المؤخرة منها يوجد الغضروفان الهرميان arytenoids  ، وهما غضروفان صغيران مستقلان على شكل شاهدين تذكاريين لشهداء ما قبل التاريخ ، ويرتبطان من الخلف بوساطة العضروف الحلقى ، ويمكن للغضروفين الهرميين ان يشاركا فى حركة انزلاقية وان يدورا  كذلك فى اطار زاوية 30 درجة ، ومن ثم يكونان قادرين على الحركة فى اتجاه المركز وبعيدا عنه .
ويملأ الفجوات الموجودة بين عضاريف الحنجرة غشاء يعرف باسم conus elasticus  يمتد أعلى الغضروف الحلقى ، ويغلق الفراغات الموجودة اغلاقا تاما ، ويوجد شق طولى أعلى الغشاء المذكور للسماح بمرور الهواء ، وتشكل حافتا الغشاء المكتنزتان ما يعرف باسم الوترين الصوتيين ، ويرتبط كل منهما بالغضروف الدرقى من جهة ، وبقاعدتى الغضروفين الهرميين من الجهة الاخرى ، وللوترين الصوتيين وظيفتان اساسيتان تتمثلان فى الحيلولة دون اختناق الكائن الحى ، وفى حبس الهواء فى القفص الصدرى للمساعدة فى رفع الاثقال والاعمال المشابهة بيد أنهما يلعبان كذلك دورا حاسما فى النطق فأثناء التنفس ينفصلان ليسمحا للهواء بالمرور بينهما عبر الفتحة التى تقع بينهما وتعرف باسم الزردمة  glottis وتنتج هذه الفتحة بتحريك الغضروفين الهرميين فى اتجاه مضاد للمركز .
واللغويون المعاصرون يجعلون الحنجرة عضو التصويت الاساسى نظرا لان وجود الصوت يتطلب وجود جسم فى حالة تذبذب ، وهو فيما يعالجه الوتران الصوتيان ، فاذا لم بكن الزردمة متسعة تماما ولا مغلقة تماما ، واذا كان الهواء الاتى من الرئتين ذا سرعة كافية فان الوترين الصوتيين سوف يبدءان فى الحركة ، وتكون الزردمة بالتالى فى حالة فتح وغلق متعاقبين مما يسبب ذبذبة فى كتلة الهواء الموجود فى تجاويف ما يمكن أن نطلق عليه اسم الجهاز النطقى وهو عبارة عن مجموعة أعضاء النطق المشار اليها والتجاويف ذات الصلة بها .
والوتران الصوتيان يشبهان الشفتين ولهما دور فى النطق ببعض الحروف يشبهان أيضا ما تقوم به الشفتان فالفاء والباء يحدثان فى منطقة الشفتين حيث تصدر الباء نتيجة حبس تام قوى لالتقاء جرمين لينين ثم انقلاعهما ( المراد بالجرمين هنا الشفتان ) مما يتسبب باندفاع النفس الذى يزداد حجمه وضغطه بسبب الحبس التام القوى محدثا الصوت الانفجارى او الشديد المعروف بالباء  ، وكذلك عند الفاء الا ان الحبس عند النطق بها لايكون تاما ولا قويا بل يكون تضييقا يسمح للنفس بالمرور محتكا بحواف طرفى المخرج مما يتسبب فى حدوث صوت احتكاكى او رخو وهو المعروف بالفاء  ، ويقوم الوتران الصوتيان بمثل ما تقوم به الشفتان عند النطق بالهمزة وعند النطق بالهاء ،  وقد جاءت هذه المقارنة فى كتب الاقدمين والمحدثين مثل ابن سينا واوكنر .
وهناك عملية أخرى يمكن أن تفيد فى فهم ما يمكن أن يكون أهم وظيفة للوترين الصوتيين ، فالشفتان يمكن ان تفتحا وتغلقا بصورة متلاحقة تجاه تيار الهواء مع نوع من الضوضاء المتموجة التى تستخدم للتعبير عن برودة الطقس ، ويمن التعبير عن تلك الضوضاس كتابيا ب بربربربربر، ويمكن أيضا للوترين الصوتيين أن يؤديا هذا الفتح والغلق المتلاحقين تجاه تيار الهواء ولكن بمعدلات أسرع بكثير ، وقدرة أكبر على التنوع من الشفتين ، فمثلا الشفتان يمكن أن تفتح وتغلق ثلاثين مرة فى الثانية الواحدة ، لكن الوترين الصوتيين يمكن أن يقوما بذلك بما يتراوح بين سبعين مرة وما يزيد عن الألف فى الثانية الواحدة .
ويجعل هذا الفتح والغلق المتلاحقين للوترين الصوتيين الهواء يمر بينهما فى دفعات صغيرة جدا الى حد أننا لا نستطيع أن نلاحظ أى واحدة منها على نحو منفصل ، فما نلاحظه هو ذبذبة مستمرة أو ما نطلق عليه اسم الجهر وهى الصفة التى تميز بين طائفتين كبيرتين من الاصوات اللغوية وهو الاصوات المجهورة فى مقابل الاصوات المهموسة التى يخلو النطق بها من هذه الذبذبة المستمرة التى يطلق عليها اسم الجهر .
اضغط قليللا باصبع الابهام على الحنجرة  أو ضع اليدين على الأذنين لتشعر بتلك الذبذبة ان كانت موجودة ، انطق صوت هسهسة طويل مثل : هس هس هس هس هس ، لن تشعر بتلك الذبذبة ، انتقل من النطق بالهسهسة الى النطق بأزيز الزاى المتكرر زززززززززززززززز ، هل تشعر بالذبذة ؟ نعم هى موجودة . انتقل من السين المتكررة الى الزاى المتكررة وكرر هذه العملية بصورة متواصلة فسوف تنتقل من وجود الجهر الى غيابه .
و معدلات الذبذبة التى يصدرها الوتران الصوتيان  تتنوع كثيرا من حيث معدلات السرعة التى تتراوح بين السبعين والالف  فى الثانية الواحدة  وتتنوع كذلك من حيث الاتساع والضيق مما يميز بين الأصوات الرقيقة والغليظة ويميز كذلك  بين طبقات الصوت المختلفة ارتفاعا وانخفاضا وقوة وضعفا وهو ما يميز اصوات الرجال عن النساء كما يميز أنماط التنغيم التى تستخدم فى تقابلات ترتبط بدلالات ذات مغزى فى التواصل بين مستخدمى اللغة .
2-  البلعوم
تجويف يشبه الانبوبة المفردة يعلو الحنجرة ، ويتفرع هذا التجويف الى تجويفين : التجويف الفموى ، ويمتد من أعلى الحنجرة الى ماوراء التجويف الانفى ، ويعمل أساسا بوصفه وعاء لكتلة الهواء التى يمكن أن تصنع ذبذبة تتجانس مع الذبذبات الاتية من الوترين الصوتيين ، والوتران الصوتيان منفصلان عن التجويفين اللذين يعلوانهما يشبهان أوتار الكمان دون جسمها فلا يصدر عنهما سوئ صوت ضعيف للغاية ، والذبذبة ( أو الطنين ) المتجانسة فى الهواء الموجود فى التجويفين العلويين ( أو فى جسم الكمان ) تكبر عض خصائص موجودة فى الذبذبة الناتجة من الحنجرة ( أو من أوتار الكمان ) وتعطيها قوة ، ومن ثم تعطى للصوت الناتج صفة خاصة ، وجسم الكمان ثابت الشكل ومن ثم لاتتغير صفة الكمان أما شكل التجويفين اللذين يعلوان الحنجرة فيمكن تغييره على نحو ملحوظ ، ومن ثم تتغير صفة الاصوات الناتجة تبعا لذلك .
والبلعوم ليس قابلا فى ذاته للتنوع الكبير فى الشكل ، ولكن هناك طريقتين يمكن ان تتغير أبعاده من خلالهما ، الأولى برفع الحنجرة الى أعلى فينقص طول قناة البلعوم وينتج عن ذلك صوت غليظ قليلا ، والثانية برفع الحنك اللين وهو ما ينقص من طول قناة البلعوم كذلك ، لكن هذه المرة من أعلى ، والاهم فى هذه الحالة أنها تمنع الهواء من دخول منطقة البلعوم الانفى ( وهو جزء من البلعوم يقع خلف التجويف الانفى ) والتجويف الانفى  على الأخص .
3-  لسان المزمار
وهى لحمة من الانسجة تبرز فى البلعوم فى منطقة الجذر من اللسان تنطبق على الحنجرة أثناء البلع ، وتساعد على توجيه الطعام الى ممر الطعام أى البلعوم ، وليس للسان المزمار وظيفة فى الكلام .
4-  التجوف الانفى
يشبه التجويف الانفى جسم الكمان من حيث ثبات الابعاد والشكل ، وأن اسهامه فى الكلام مسألة رنين تام ، واذا خفض الحنك اللين مع تذبذب الوترين الصوتيين اتصلت الحنجرة والتجويف الأنفى والتجويف الفموى معا ، وتتذبذب كتلة الهواء جميعها فى التجويفين المتصلين مع مؤثرات أنفية مميزة ، واذا تم أغلاق الفم _ فى ذات الوقت – فى نقطة ما لنقل باغلاق الشفتين فان الهواء المتذبذب سوف يمر من خلال البلعوم والتجويف الانفى ثم خارج فتحتى الانف مع أثر لترنم بطىء ، ومن جهة أخرى اذا كان الفم مفتوحا كما فى نطق ah  وكان الحنك مازال منخفضا يخرج حينئذ الهواء المتذبذب من الفم ومن فتحتى الانف معا وينتح عن ذلك تعديل للصوت الفموى البحت  ah  الذى نتعرف عليه بوصفه أنفيا ( لاحظ أن حفض  الحنك اللين لا يمنع فى ذاته الهواء من الدخول الى التجويف الفموى ، وتفرق الحركتان السابقتان : الانفية والفموية بين بعض الالفاظ فى اللغة الفرنسية ، كما يميز صوت النفى فى اللغة الانجليزية حيث يخرج عند نطقه الهواء من الانف والفم كليهما .
وعند وجود عيب او شق فى الحنك اللين نجد تشويها فى الحروف التى ينطق بها من يعانى من هذا العيب او الشق ، فتتصف حروفه كلها بالصوت الصادر من التجويف الانفى ولا يسلم من هذا العيب الا تلك الحروف التى تتميز بطبيعتها بذلك الصوت مثل الميم والنون  ، وهو العيب الذى يطلق عليه فى ثقافتنا العربية الخنف .
5-  التجويف الفموى واللسان
يعد التجويف الفموى – الى حد بعيد – أكثر التجويفات الثلاثة أهمية ، وذلك لانه الاكثر امكانية فى تغيير أبعاده وشكله ، وهو ما يرجع جزئيا الى مرونة حركة الفك الاسفل ، والى مرونة حركة الشفتين ، بيد أن السبب الاعظم فى ذلك يرجع الى اللسان فاللسان عضو الكلام المتميز بدرجة عالية ، وفى لغات كثيرة تترادف كلمة اللسان مع كلمة اللغة نفسها ، واجمالا فان التنوع والدقة فى حركات اللسان يجعله يتفوق الى أبعد الحدود على أى عضو اخر فيما يتعلق باسهامه فى الكلام ، وبينما لا يمكن للتجويف الانفى أن يتغير ، وبينما لا يتغير البلعوم الا قليلا ، يمكن للفم أن يتغير الى الحد الاقصى ، وهنا تصنع معظم الفوارق المميزة للكلام المنطوق .
والتجويف الفموى يحده من أعلى الحنك ، وهو بنية تشبه القبة ، الجزء الامامى منه عظمى ولا يتحرك ، والجزء الخلفى منه الحنك اللين ، ويمكن له أن يتحرك بالطريقة التى رأيناها من قبل ، ومن المفيد أن نقسم الحنك الى ثلاثة أقسام رئيسية : الحنك اللين ، والحنك الصلب ( الجزء الاعلى والمقعر ) ، والطرف اللثوى ( الطرف المحدب من اللثة خلف القواطع العليا من الاسنان ) ، ووظيفة الحنك فى عملية الكلام ( بصرف النظر عن العملية المصراعية للحنك اللين التى ذكرناها من قبل ) فهو يعمل بوصفه مقابل للسان فى حركاته النطقية ، واللهاة – الطرف المستدق من اللحم فى الحنك اللين – تحتاج الى أن تحدد بشكل منفصل عن الحنك اللين ، ويمكن أن تراها تتدلى فى مؤخرة الفم بصورة واضحة  .
ويمكن أن يستخدم اللسان فى النطق مع القواطع العليا الثابتة ، وسائر الأسنان لا تؤدى أى دور ايجابى ، ومع ذلك فان فقدان القواطع السفلى على سبيل المثال يمكن أن يكون له تأثير غير ملائم على أصوات معينة لاسيما السين .
ويتركب اللسان من مجموعة معقدة من العضلات التى تجعله قابلا للحركة بدرجة هائلة ، وينقسم اللسان بما يتلاءم مع مهمته الى ثلاثة أجزاء رئيسية تبعا لعلاقاتها مع أجزاء الحنك ، فعندما يكون اللسان فى وضع الراحة يقع طرف اللسان تحت الطرف اللثوى ، وتقع مقدمته تحت الحنك الصلب ، وتقع مؤخرته تحت الحنك اللين ، وطرف اللسان أو بالاخص نهايته الامامية – رأس اللسان – خفيف الحركة على نحو خاص ، فيمكن أن يخرج من بين الشفتين ويمكن أن يلامس جميع أنحاء الحنك الاعلى الى الحد الفاصل بين الحنك الصلب والحنك اللين ، كما أن رأس اللسان مرن بما يكفى لأن يتردد على نحو سريع قبالة الطرف اللثوى فى صوت الراء المكررة التى تميز بعض الصيغ فى اللغة الاسكتلندية والايطالية وغيرها .
6-  الشفتان
وتتمتع الشفتان بالمرونة والقدرة على الحركة بذات الدرجة التى يتمتع بها اللسان ، ففى مقدور الشفتين أن ينطبقا انطباقا تاما كما يحدث عند النطق بالباء والميم ، كما يستطيعان أن يتخليا عن حق المرور فلا يعترضان سبيل الهواء مطلقا ، ويمكنهما  كذلك اتخاذ أى وضع متوسط بين الوضعين السابقين ، والشفة السفلى يمكن أن تتصل بالثنايا  العليا كما فى حالة النطق بالفاء ، ويمكن للشفتين أن تتخذ ا أشكالا متنوعة فيمكن أن تكونا مغلقتين أو مفتوحتين أو مستديرتين أو منبسطتين أو محايدتين ، وهذه الاشكال المختلفة لها تأثير قوى على الصفات المميزة للصوت .
7-  الاسنان

هي في أكثر الأشخاص اثنتان وثلاثون:
منها الثنايا : وهي الأسنان الأربع المتقدمة، اثنتان فوق، واثنتان تحت.
فالرباعيات: بفتح الراء، وتخفيف الياء، وهي أربع كذلك خلف الثنايا، اثنتان فوق، واثنتان تحت -أيضاً-.
فالأنياب: وهي -أيضاً- أربع خلف الرباعيات.
فالأضراس: وهي عشرون ضرساً، عشرة في الفك الأعلى، خمسة بالجانب الأيمن، وخمسة بالجانب الأيسر، وعشرة في الفك الأسفل كذلك، وهذه الأضراس مقسمة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الضواحك: وهي أربعة تلي الأنياب
الثاني: الطواحن: وهي اثنا عشر تلي الضواحك، ستة فوق في كل جانب ثلاثة، وستة تحت كذلك.
الثالث: النواجذ: وهي أربعة بعد الطواحن، اثنتان فوق، واثنتان تحت، ويسمى الناجذ ضرس الحلم، وضرس العقل .
                         








.



                                                   

هناك تعليق واحد: