(38) أولى عربى عام + ثانية عربى أساسى .
اكتب مقالا فى : علم اللغة النفسى
علم اللغة النفسى فرع من فروع علم اللغة ، يعالج هذا الفرع العلاقة بين اللغة والعقل ، ويركز أساسا على كيفية تعلم اللغة ، وكيفية الاحتفاظ بها ، وكيفية فقدانها على نحو عارض . والعلاقة بين اللغة والعقل لها جانبان الاكتساب والأداء وذلك لكى تستخدم اللغة على نحو مناسب ، والأداء جوهرى فيما يتعلق بالاكتساب التام والناجح ، ومعرفة هذه العلاقة تشكل الاساس فى معظم الخطوات الناجحة فى تعليم اللغة ، ومن ثم سوف نعود اليها فى القسم الخاص بعلم اللغة التطبيقى .
والحقيقة الاساسية التى تتطلب تفسيرا فى هذا القطاع تلك الفترة الزمنية القصيرة التى يأخذها الطفل لاكتساب المعرفة الشاملة . والدرجة الفائقة للسيطرة على اللغة أو اللغات الموجودة فى مجتمعه ، ويمكن أن نعبر عن ذلك بعبارة أخرى ، فيمكن أن نقول ان الطفل العادى ذا الخمس سنوات يتعلم – دون أية صعوبة واضحة – السيطرة على اللغة التى لا يمكن ان يشرحها اللغوى الناضج شرحا كاملا ، ولننظر نظرة أقرب قليلا على ما يمكن أن يقوم به طفل فى الخامسة بالفعل .
فالطفل يمكنه فهم الاقوال التى لم يسمعها من قبل ، ويمكنه أن ينتج الاقوال التى هى جديدة تماما بالنسبة له ولمستمعيه . ويمكنه أن يستخدم معلوماته عن الكلام لاكتساب مهارات جديدة تتعلق بالكتابة والقراءة . ويمكنه أن يفعل ذلك كله لانه – بطريقة أو بأخرى – نجح فى استخراج النظام التحتى للغة من الكلام الذى سمعه ، وأكثر من ذلك اكتسب على نحو جوهرى النظام التحتى الذى لدى رفاقه الصغار ، وذلك على الرغم من حقيقة أنه ما من طفلين يتعرضان لظروف متطابقة أو لذات العينة من اللغة .
وخلال العقود الماضية كانت هناك نظريتان لتفسير ظاهرة تعلم اللغة عند الأطفال ، النظرية الاولى تعرف باسم السلوكية ( behaviourism ) وقد كملت صياغتها على يد سكنر فى كتابه ( verbal behaviourism ) الذى صدر عام 1957 ، وتذهب هذه النظرية الى أن تعلم اللغة عند الاطفال يمكن تفسيره بذات الطريقة التى يمكن أن نفسر بها تعلم كلب الوقوف على رجليه الخلفيتين لتناول طعام : المران ، الاثارة ، التقليد ، التعزيز ، التكرار .
وتعرف النظرية الثانية بالنظرية الذهنية ( mentalism ) وتجادل عن أن الاطفال الآدميين المبرمجين بشكل وراثى على المشى عندما يصلون الى مرحلة معينة من تطورهم مبرمجون كذلك على الكلام ، ويفترض البحث ان كل الاطفال من جميع القوميات – بصرف النظر عن السلالة أو الطائفة الاجتماعية أو الذكاء – يتعلمون اللغة فى خطوات مطردة ، فهم يتحولون من مرحلة البأبأة الى مرحلة الاقوال الاحادية الكلمة ، ثم يقومون بضم كلمتين معا الى أن يصبح كلامهم لا يمكن تمييزه عن كلام الكبار فى مجتمعهم .
ويفترض أصحاب النظرية الذهنية أن اللغة جانب من تطور الكائنات الآدمية مثل النمو الجسدى ، وفى ظل بيئة مناسبة – التعرض للكلام – يكتسب الطفل –آليا – اللغة ، وبوضوح اذ ا لم يتعرض الطفل للغة فلن يتعلمها ، وربما كان من المفيد هنا أن نمثل لذلك بأن الطفل ليس متكلما مصغرا ولكنه متكلم بالقوة ، كما أن جوزة البلوط ليسب شجرة بلوط مصغرة ، ولكنها ستصبح شجرة بلوط فى بيئة مناسبة .
ويحاول المشتغلون بعلم اللغة النفسى كذلك أن يفهموا عسر الكلام ( dysphasia ) ، وعمى الكلمات ( dyslixia ) والافازيا ( aphasia ) وتعنى الفقدان المفاجئ أو التدريجى للغة بسبب السن أو حادثة أو سكتة دماغية ، ولدينا جميعتا فكرة عن الافازيا عندما لا يكون فى مقدورنا تذكر كلمة خاصة بشىء ما أو عندما نقول : ضع هذا فى الثلاجة ونقصد الفرن ، أو خزانة الكئوس والاطباق ، ومثل هذه الاخطاء أو الزلات أمور مألوفة عند كل من يستخدم اللغة عندما يكون متعبا أو عندما يبلغ من الكبر عتيا ، وهذه الأخطاء التى نقع فيها لها أهمية قصوى ، ويلاحظ أن الألفاظ السابقة – على سبيل المثال – ( الثلاجة ، الفرن ، خزانة الكئوس والاطباق ) كلها ألفاظ شائعة ، وكلها أسماء ، وكلها أوعية خاصة بالطعام ، وكلها فى المطبخ ، وكلها ذوات أبواب كبيرة ، وتفترض مثل هذه الزلات أنه من المرجح أننا نقوم بتخزين الكلمات ذوات المعانى المتشابهة معا ، والأخطاء الاخرى مثل استخدام كلمة مثل ( woollen ) عندما نقصد الكلمة ( wooden )تفترض أنه من المرجح أننا نقوم بتخزين الكلمات وبصفة خاصة الصفات معا تبعا لاصواتها .
وقد تعلم المشتغلون بعلم اللغة النفسى الكثير ، وهم يتعلمون كل يوم أكثر وأكثر عن كيفية استخدامنا اللغة ، وعن كيفية اساءة استخدامنا لها ، وفقداننا اياها ، وقد اكتشفوا أيضا الطبيعة غير المحدودة للغة ، وقد تم حل بعض المشكلات ( فالاطفال الصم يمكن مساعدتهم فى النطق الافضل اذا زودوا بوسيلة سمع بعد ميلادهم بزمن قصير ) لكن كل حل كان يكشف عن مدى ضآلة ما نعرفه فى الواقع عن اللغة وعن مدى ما يحتاج اليه البحث .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق